languageFrançais

لماذا وافقت 'حماس' على خطة ترامب بشأن غزة رغم التنازلات الصعبة؟

وافقت حركة "حماس" على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، رغم ما تتضمنه من "تنازلات صعبة" تشمل "نزع السلاح" و"إبعاد القادة" و"تشكيل مجلس وصاية دولية على القطاع" يضم شخصيات معروفة بانحيازها لإسرائيل، وفقاً لما تقتضيه الخطة.

وتأتي موافقة الحركة بعد حرب استمرت عامين، خلّفت دماراً شبه كامل في غزة التي يقطنها أكثر من 2.3 مليون نسمة، وأدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمفقودين، فضلاً عن تفشي المجاعة والأمراض.

وقف إطلاق النار.. هدف مركزي

وأوضح مسؤولون في "حماس" في تصريحات للـ "الشرق" أنهم عقدوا سلسلة اجتماعات مطولة لدراسة الخطة، واستمعوا إلى مقترحات من دول وسيطة مثل تركيا وقطر ومصر، وخلصوا إلى أن الخطة تمثل "الطريق الوحيد" في الوقت الراهن لوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.

وقال مسؤول كبير في الحركة: "لدينا هدف مركزي يتمثل في وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي، ونحن مستعدون لإبداء المرونة في الملفات الأخرى من أجل تحقيق هذا الهدف".

وبحسب المسؤولين، ترى "حماس" والوسطاء أن ترامب هو "المفتاح" لوقف الحرب، لكن الأمر يتطلب تقديم تنازلات جوهرية غير مسبوقة في المفاوضات السابقة.

ووفقاً لتلك المصادر، يعتبر ترامب الوحيد تقريباً الذي يواصل دعم الحرب الإسرائيلية على غزة بهدف إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وقد يتوقف عن دعمها في حال عودتهم إلى منازلهم، ما يستوجب من "حماس" القبول بخطوات مثل "نزع السلاح"، و"الابتعاد عن حكم القطاع"، و"الموافقة على ترتيبات دولية لإعادة الإعمار"، لتسهيل مهمة ترامب في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف الحرب والانسحاب من غزة.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ"الشرق" إن ترامب يسعى من خلال هذا الاتفاق إلى خدمة مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، إذ يرى أن وقف الحرب لا يحقق فقط إطلاق سراح المحتجزين، بل يضع حداً للخسائر الإسرائيلية الكبيرة الناجمة عن حرب تواجه رفضاً واسعاً في العالم وتُوصف بأنها "إبادة جماعية" و"تطهير عرقي".

وترى "حماس" والجهات الوسيطة أن القبول بالخطة سيُحدث انقساماً داخل إسرائيل بشأن استمرار الحرب، خصوصاً في صفوف الجيش الذي يعارض احتلال القطاع والبقاء فيه نظراً للتكلفة البشرية والمالية العالية، وللمسؤولية التي ستترتب عن إدارة الشؤون المدنية والإنسانية للفلسطينيين.

وكان عدد من قادة الجيش الإسرائيلي قد عبّروا في مناسبات عدة عن امتعاضهم من قرارات حكومة نتنياهو بشأن اجتياح غزة والسيطرة عليها، مؤكدين أن هذه القرارات تستند إلى مصالح سياسية ضيقة لا تتماشى مع المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل.

وأكد مسؤولو "حماس" حصولهم على ضمانات من الوسطاء، بمن فيهم الفريق الأمريكي المشارك في المفاوضات، تقضي بمواصلة وقف إطلاق النار خلال المراحل التالية من الخطة ما دام جميع الأطراف ملتزمين بها.

وأوضح أحد المسؤولين أن هذا الاتفاق "يبدد مخاوف الحركة من احتمال استئناف إسرائيل الحرب بعد إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين".

المرحلة الثانية 

وتنص الخطة على بدء مفاوضات المرحلة الثانية فور إتمام عملية تبادل الأسرى المقررة الاثنين المقبل، مع التركيز على قضيتي نزع السلاح وإبعاد القادة وتخلي الحركة عن الحكم.

لكن مسؤولي "حماس" يرون أن الخطة مليئة بالألغام، إذ تتضمن بنوداً عامة تفتقر إلى آليات تنفيذ واضحة، مثل البند السادس الذي ينص على نزع السلاح والإبعاد، والذي جاء فيه: "بعد إعادة جميع الرهائن، سيُمنح أعضاء حركة حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي ويتخلّون عن أسلحتهم عفواً عاماً، أما من يرغب في مغادرة غزة فسيُوفَّر له ممر آمن إلى دول مستقبِلة".

ويرى مراقبون أن الخلاف حول آليات التنفيذ قد يؤخر أو يعرقل تطبيق الاتفاق وربما يؤدي إلى انهيار المفاوضات، إلا أن انهيارها لا يبدو خياراً مطروحاً لدى "حماس"، إذ يعني ذلك العودة إلى حرب مدمّرة جديدة قد تصل إلى التهجير القسري.

ويخشى كثير من الفلسطينيين أن تلجأ إسرائيل إلى دفع السكان نحو الحدود المصرية بعد تجميعهم في الجنوب، في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية.

ورغم قسوة التنازلات التي تفرضها الخطة، يعتقد مراقبون أنها تظل أقل قسوة من استمرار الحرب، ما يعزز فرص تنفيذها بنجاح.

اقرا أيضا